الدولة الدينية وآثارها على وعي المجتمع: بين الإيمان والتغييب

الدولة الدينية وآثارها على وعي المجتمع: بين الإيمان والتغييب

بقلم الفقير .نادى عاطف

 

إن العلاقة بين الدين والسياسة تطرح إشكاليات معقدة تتعلق بوعي الشعوب واستقلالية الفكر. الدولة الدينية، التي تُقام على أسس توظيف العقيدة في الحكم، قد تؤدي في بعض الحالات إلى خلق مجتمع مغيّب عاطفيًا، حيث تصبح العاطفة الدينية هي المحرك الأساسي للسلوك الجماعي والقرارات المصيرية، وهو ما يسهل استغلاله من قبل بعض القادة لتحقيق أهداف سياسية أو أيديولوجية.

 

توظيف العاطفة الدينية

 

عندما تهيمن العاطفة الدينية على المجال السياسي، يصبح الخطاب الديني أداة تحكم في الجماهير. إذ يتم استخدام المفاهيم الدينية المقدسة لتبرير قرارات السلطة، مما يقلل من قدرة الأفراد على التفكير النقدي في تلك القرارات، إذ يتم تقديمها وكأنها ذات طابع مقدس وغير قابلة للنقاش أو النقد. هذا الأمر يخلق بيئة يصبح فيها التشكيك في القيادة أو السياسات معادلاً للتشكيك في الإيمان نفسه.

 

نتائج تغييب الوعي

 

  1. غياب التفكير النقدي: يصبح المجتمع أقل قدرة على تحليل المواقف السياسية والاجتماعية بموضوعية، لأن الأحكام تصدر بناءً على مشاعر الانتماء الديني لا على معايير منطقية.

 

  1. الانقياد الأعمى: عندما يُستخدم الدين كأداة سياسية، يمكن لمن يملك القدرة على التأثير العاطفي أن يقود الجماهير حتى إلى مصيرهم المحتوم، بغض النظر عن العواقب.

 

  1. انتشار التعصب والانقسام: يتم تغذية الشعور بـ”الحق المطلق”، مما يؤدي إلى انقسامات داخل المجتمع، خاصة تجاه من يختلفون في المعتقدات أو التفسيرات الدينية.

 

  1. تعطيل الإصلاح والتقدم: في ظل دولة دينية متشددة، يصبح النقد والابتكار محدودين، حيث تُرفض الأفكار الإصلاحية إن لم تتماشى مع التأويل الديني السائد.

 

الدولة المدنية كنقيض للتغييب

 

على النقيض، الدولة المدنية تفصل بين الدين والسياسة، مع احترام المعتقدات الدينية وضمان حرية ممارسة الشعائر، لكنها تمنع استغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية. في الدولة المدنية:

 

القانون يحكم الجميع بناءً على مبادئ العدالة والحقوق، لا بناءً على تفسيرات دينية محددة.

 

الوعي والتعليم أساس الحكم: يتم تشجيع التفكير النقدي والتعليم المتحرر من القيود الأيديولوجية.

 

المواطنة أساس الانتماء: يتم تقييم الأفراد بناءً على المواطنة والحقوق والواجبات، وليس على الخلفية الدينية فقط.

 

الوعي ضرورة للتحرر

 

الدين عنصر مهم في حياة الشعوب، لكنه يصبح أداة خطرة عندما يُستخدم كوسيلة لتغييب الوعي الجمعي والسيطرة السياسية. الحل يكمن في تعزيز التعليم النقدي، والفصل بين السلطة الدينية والسياسية، مع التأكيد على أن الإيمان الحقيقي لا يتعارض مع التفكير العقلاني، بل يدعمه. إن بناء مجتمع واعٍ يحترم الدين دون أن يُستغل، هو الضمانة الحقيقية لتحقيق العدالة والحرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

“بعد 12 عامًا من الولادة المعجزة.. نادية سليمان تحتفل بأول يوم دراسي لتوائمها الثمانية”
منوعات

“بعد 12 عامًا من الولادة المعجزة.. نادية سليمان تحتفل بأول يوم دراسي لتوائمها الثمانية”

كتب: نادي عاطف في مشهد مؤثر يعكس رحلة أمومة استثنائية، نشرت السيدة نادية سليمان، المعروفة إعلاميًا بلقب “Octomom”، صورة حديثة لتوائمها الثمانية الذين أنجبتهم عام 2009، وهم يستعدون لأول يوم دراسي لهم بعد مرور 12 عامًا على ولادتهم التي حظيت باهتمام عالمي واسع. وظهر الأطفال في الصورة بوجوه مشرقة وابتسامات بريئة، في مشهد يعكس دفء […]

اقرأ المزيد
منوعات

Pampering our Heroes initiative A heartfelt tribute to individuals who made an extraordinary impact during the war A collaboration between Lebtivity & G SPA

Lebtivity.com, Lebanon’s leading platform for events and activities initiated an idea to select some individuals during the war who did a remarkable individual effort out from their work scope or lived an extremely stressful situation (like reporters of the war) and collaborated with G SPA Beirut, the first spa in the Middle East to receive […]

اقرأ المزيد
كاتب وباحث يكشف فساد إتحاد كرة القدم وتجاهل إهانة لاعب سيراميكا كليوباترا لمسيحي مصر ويصفه بالعنصري
أخبار رياضية منوعات

كاتب وباحث يكشف فساد إتحاد كرة القدم وتجاهل إهانة لاعب سيراميكا كليوباترا لمسيحي مصر ويصفه بالعنصري

كتب زيدان القنائى   أستنكر الكاتب الصحفي أشرف حلمي تجاهل إتحاد كرة القدم المصرى برئاسة هانى أبو ريدة ونائبه خالد الدرندلى ، تجاهل ملايين الشعب المصرى ، بعدم إتخاذ اى موقف تجاه تصريحات اللاعب الجزائري أحمد الـقندوسي لاعب سيراميكا كليوباترا ، التي أطلقها عبر حسابه على موقع إنستجرام حول تحريمه للاحتفال برأس السنة وأعياد الميلاد […]

اقرأ المزيد