
لبنان يحتفي بمئوية الموسيقى العربية: مؤتمر علمي في جامعة الروح القدس – الكسليك يضيء على الإرث الموسيقي العربي ودور لبنان الريادي
بمبادرة علمية وثقافية رائدة، نظّمت كلية الموسيقى والفنون المسرحية في جامعة الروح القدس – الكسليك بالتعاون مع المجمع العربي للموسيقى )جامعة الدول العربية)، مؤتمرًا علميًّا بعنوان: “مئة عام من موسيقى العالم العربي – لبنان أنموذجًا”.
منصة للتبادل الأكاديمي والثقافي
وقد شكّل المؤتمر منصة حيوية للتبادل الثقافي والأكاديمي، ناقش خلالها المشاركون الإرث الموسيقي العربي الغني وتأثيره على المشهد الموسيقي المعاصر. وعلى مدى يومين، تخلل البرنامج سلسلة من الجلسات البحثية المتخصصة والنقاشات الفكرية الغنية بين الباحثين والممارسين، إضافة إلى عروض فنية متميزة أعادت إحياء الذاكرة وكرّمت رموز الغناء والموسيقى العربية.
يعد هذا المؤتمر خطوة نوعية ترمي إلى توثيق قرنٍ من تاريخ الموسيقى العربية، وإبراز الدور الريادي الذي لعبه لبنان في هذا المجال، بما يعزز موقعه كمركز ثقافي عربي رائد، ويؤسس لرؤية مستقبلية تستند إلى إرث فني غني وراسخ.
الكلمة الافتتاحية: الأب البروفسور طربيه
افتُتحت أعمال المؤتمر بكلمة لعميد كليّة الموسيقى والفنون المسرحية، الأب البروفسور ميلاد طربيه، رحّب فيها بالحضور والمشاركين، مشددًا على أهمية هذا المؤتمر بوصفه ملتقى علميًا متخصصًا في تاريخ الموسيقى العربية والشرق أوسطية.
وقال: “يستحضر هذا المؤتمر قرنًا من التشكّلات الفنية والسياقات الاجتماعية التي ساقت ملامح الموسيقى الشرق أوسطية والعربية ورافقت تحوّلاتها. لقد أثبتت هذه الحقبة بما لا يدع مجالًا للشك، أن الموسيقى ليست نتاج موهبة فردية أو ترف جمالي، بل منظومة حضارية مترابطة، تشكّل تراكبًا بين المعرفة والعيش، بين الكلمة والنغمة، بين والتقليد والتحديث”.
وأكد أنه “من هنا تبرز الحاجة إلى مثل هذا المؤتمر الذي يجمع تحت مظلته مجموعة من الباحثين في الموسيقى والمؤرخين والموسيقيين، في محاولة لتفكيك العناصر المكوّنة لهذا الإرث وتحليل أبعاده الجمالية ودراسة امتداداته عبر مختلف المراحل التاريخية. إن إعادة قراءة هذا التاريخ ليست ترفًا ثقافيًا، بل ضرورة معرفية تؤسّس لفهم أعمق للهوية الموسيقية الخاصة، وتفتح آفاقًا لتطوّرها المستقبلي”.
وتمنّى أن تكون جلسات المؤتمر منبرًا للإنتاج المعرفي الجاد، وفرصة لتلاقي التخصصات والخبرات المتنوعة، بما يسهم في إثراء النقاش الموسيقي نظريًا وتطبيقيًا.
محاور الجلسات: قراءة شاملة في المشهد الموسيقي اللبناني
وتناولت الجلسات البحثية مجموعة من المحاور، أبرزها: السياقات السياسية، الاقتصادية، والثقافية التي أثّرت في الموسيقى اللبنانية قبيل مؤتمر القاهرة 1932، تطوّر الأساليب الموسيقية بين 1932 و2025، بما في ذلك الموسيقى الشعبية، الفولكلورية، التقليدية، والرائجة، تطور التأليف الموسيقي في لبنان، دور المبدعين اللبنانيين في إثراء وتطور المشهد الموسيقي المحلي والعربي، أهمية الآلات والفرق الموسيقية والمهرجانات وأماكن العروض كمحطات بارزة في التاريخ الموسيقي اللبناني، والمؤسسات الأكاديميّة والبحثيّة والثقافيّة ودورها في تطور الموسيقى اللبنانية وصناعتها، بما في ذلك الجامعات والمعاهد ومراكز البحث، النقد الموسيقي ومنصات النقد، برامج اكتشاف المواهب وتأثيرها على المشهد الموسيقي…
أمسيات موسيقية تحيي الذاكرة وتكرّيم رئيسة المجمع العربي للموسيقى الدكتورة ايناس عبد الدايم
اختُتم اليوم الأول من المؤتمر بأمسية موسيقية افتتحت بتكريم معالي الأستاذة الدكتورة ايناس عبد الدايم، رئيسة المجمع العربي للموسيقى، إذ قدّم لها عميد كليّة الموسيقى والفنون المسرحيّة، الأب البروفسور ميلاد طربيه درعَا تكريميًّا بإسم الجامعة، عربون تقدير للعلاقات المتبادلة والمثمرة، وامتنان للجهود القيّمة وللدور الريادي في خدمة الموسيقى العربيّة.
وأحيا الأمسية الفنان جيلبير رحباني، خرّيج كليّة الموسيقى، تكريمًا للموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، في الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيله. وقدّم رحباني خلالها تحية إلى أحد أعمدة الغناء العربي. فجسّد هذا العمل رؤية فنية متكاملة، حيث تولّى جيلبير رحباني الأداء الغنائي، بالإضافة إلى الإعداد والتوزيع الموسيقي، في محاولة لربط الأصالة والحداثة بأسلوب إبداعي معاصر.
أما ختام اليوم الثاني، فتوّجته أمسية متميزة لجوقة الغناء العربي التابعة لكلية الموسيقى والفنون المسرحية في الجامعة، بقيادة الدكتورة غادة شبير، حيث قدّمت خلالها الجوقة باقة من روائع الموسيقى العربية.